Test Footer 2

2009/01/22

موت الأنظمة .. وعجز الشعوب






وهب الله سبحانه وتعالي نبيه سليمان عليه السلام ملكا لن يكون لأحد من بعده حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، فقد سخر الله له الطير والجان والريح وآتاه الملك والحكمه ، فدان له الجميع بأمر ربهم ، وكانوا وعلي رأسهم الجن يتسابقون لأرضاء سليمان عليه السلام طاعة له وخوفا منه لأنهم يعلمون أنه ليس مجرد ملك أو حاكم ولكنه نبي من عند الله وأنهم مسخرون لطاعته بأمر من الله ، وبالتالي فقد كان حق سليمان عليه السلام عليهم أن يهابوه ويعملوا بالليل والنهار ما يأمرهم به ، " من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات " دون أن يجرؤ أي منهم علي أن يتثاقل أو يتباطأ أو يتمارض حتي لا يتعرض للتهديد الذي سبق وتعرض له الهدهد حينما تفقد سليمان الطير فلم يجده وقال قولته المشهورة " لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " .. وكان هذا التهديد كفيلا بأن يستقيم كل من يعمل فى مملكة سليمان عليه السلام وعلي رأسهم الجن الذين هم أشد بطشا وأكثر قوة وبأسا من الأنس ، وسري علي سليمان عليه السلام ما يسري علي البشر فقد توفاه الله وهو علي كرسي عرشه متوكأ علي عصاه ، لكن الجن كانت تعتقد أن سليمان حي وأنه كعادته متوكأ علي عصاه دون أن يدركوا أنه قد مات لذلك بقوا علي خوفهم منه ينفذون أوامره فى العمل الشاق دون أن يجرؤ أي منهم علي التراخي فبطش سليمان أكبر من قوتهم فإذا رفع رأسه فى أي لحظة وأدرك أن أيا منهم يتباطأ أو يتقاعس أو يتأ خر عن تنفيذ ما أمر به فإن عذابه سيكون عذابا أليما .



لذلك استمروا فى العذاب المهين ـ حسب الوصف القرآني ـ حتى أرسل الله حشرة صغيرة من الأرض لا ندري كم بقيت من الأيام والأسابيع وربما الأشهر والسنوات تمخر فى عصا سليمان حتى نجحت بعد المدة التى قدرها الله أن تتآكل العصي ويسقط سليمان عليه السلام علي الأرض ويكتشف الجميع أنه قد توفي منذ مدة طويلة حينها صاح الجن صيحتهم التى سجلها القرآن لتكون عبرة علي مدار الزمان " فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين "




ولله المثل الأعلي فى كل ما سبق لكننا لو حاولنا فقط أن نقف عند حد عصا سليمان عليه السلام و نقلنا المشهد إلي عصرنا الحالي لوجدنا الصورة فيها بعض التشابه مع الفارق ، فمعظم الشعوب العربية أو كلها لابثة فى العذاب المهين من قبل الأنظمة التى تحكمها حيث يبدوا ظاهر هذه الأنظمة أنها تملك البطش والقوة والتهديد والوعيد لكل من يخالفها ، لكن حقيقتها أنها غير ذلك تماما ، فهي أنظمة هشة ومتآكله من داخلها ، ولدت من رحم الأحتلال البريطاني والفرنسي والأيطالي والأسباني والأمريكي ولم تولد من رحم هذه الشعوب أو دماء هذه الأمة ، لذلك فقد كانت ولادتها من رحم الأستعمار من الأصل ولادة ميتة لكن هذه الأنظمة الميتة بقيت تستمد مظاهر وجودها من اتكائها علي عصا الأنظمة الأستعمارية التى صنعتها ، وإلا فما هو النظام العربي الذي جاء من خلال خيار شعبي أو انتخابات نزيهة أو ثورة شعبية أفرزت قياداته وقوانينه وأنظمته من كل تلك الأنظمة ؟ علاوة علي ذلك فإن هناك خطأ كبيرا فى الفهم من قبل معظم منتقدي الأنظمة العربية الذين يتحدثون علي شاشات التلفزة ووسائل الأعلام عن العجز العربي والتقاعس العربي والتواطؤ العربي ، لأن هذا تسمية للأشياء بغير مسمياتها فالعجز والتقاعس يكون عن رغبة وإرادة مع عدم وجود قوة ، لكن الأنظمة الميتة أو التى تتكأ علي عصا الأستعمار الأمريكي أوالبريطاني أو الأسرائيلي أو غيره ليس لها وجود من الأساس حتى يكون لديها رغبة أوإرادة لأن وجودها فى الحقيقة هو وجود من صنعها ومنحها العصا التى تتكأ عليها .



ولذلك يشعر الأنسان بالأسي حينما يجد بعض الواهمين حتى للأسف من الكبراء والعلماء والمفكرين يوجهون نداءات لحكام عرب أعلنوا مواقفهم صريحة علي شاشات التلفزة دون مواربة أو خجل وهي أنهم يقفون مع الأسرائيليين والأمريكيين ضد الأمة ومصالحها وأمنها وأبنائها لأن العصا التى يتكئون عليها هي عصي هؤلاء وليست عصا الشعوب العربية ، ثم نجد من يسمون بالنخبة يظلون يوجهون نداءات لهؤلاء .



إذن نحن أمام مشهد يجب أن نراه علي حقيقته وليس علي الوهم الذي لازال يروج له البعض ويحاول الكثيرون أن يخادعوا به أنفسهم ولا يريدون تصديقه ، نحن أمام شعوب عاجزة وأؤكد علي المقولة شعوب عاجزة لأن لديها القدرة لكن ليس لديها الرغبة فى التضحية لاسترداد حريتها وإرادتها ضحت ضد الأستعمار لكنها لم تضحي ضد صنيعة الأستعمار ، أما الأنظمة فإنها أنظمة ميتة لأنها تستمد و جودها من اتكائها علي عصا أعداء الأمة .



هذا هو المشهد الحقيقي لهذا الواقع الذي نعيشه و الذي لا يراه علي حقيقته يكون إما أعمي وإما مخادعا لنفسه وأمته ، لذلك فإن النداء والصراخ والأستجداء من هؤلاء الموتي الذين يتكئون علي عصا أمريكا وإسرائيل أو غيرهم لن يجد أي صدي لأنه لا حياة لمن تنادي ، ويبقي السؤال المهم هنا كم سيطول هذا الاتكاء علي تلك العصا وهذا الحياة الزائفة لتلك الأنظمة ؟ وأيضا هذا العجز القائم لتلك الشعوب ؟ ربما أياما أو شهورا أو سنوات أو عقود هذا في علم الله لأن الأمر متعلق بأمرين الأول هو دابة الأرض التى تمخر فى تلك العصا التى تتكأ عليها هذه الأنظمة حتى تسقطها ، والثاني هو تلك الشعوب التى تواطأت مع هؤلاء الحكام وسايرتهم طوال العقود الماضية حتى تكف عن تواطئها وتثوب إلي رشدها وتستعيد إرادتها وهوية أمتها .



إذن فى ظل هذا العجز الشعبي والموت الرسمي فلينتظر الجميع دابة الأرض التى تمخر فى عصا الأستعمار التى تتكأ عليها هذه الأنظمة حتي تنتهي من مهمتها وتسقطها ، في نفس الوقت لننتظر يقظة تلك الشعوب النائمة الغافلة حتى تفيق من سباتها ، ولكن متي تنتهي هذه الدابة من مهمتها وتفيق هذه الشعوب من سباتها ؟ هذا فى علم الله وأقداره ولن يتأتي هذا دون أن يسعي أصحاب الهمم الكبري فى الأمة ليتحملوا مسئولياتهم وأن يتجهوا لبناء النفوس و العقول وأن يكفوا عن توجيه النداءات الفارغة للزعماء الأموات حينئذ يقولون متي هو ؟ قل عسي أن يكون قريبا .




ليست هناك تعليقات:

cc

رخصة المشاع الابداعي
egyptianfree.blogspot.com by blogger هو المرخص لها بموجب المشاع الإبداعي نسب المصنف 3.0 الاصلية الترخيص .

c

c

http://paper.li/A7med_El_Sayed